## السحر والشعوذة في الصومال: تجارة رائجة في ظل العملات الصعبة
تتجاوز ممارسات السحر
والشعوذة في الصومال كونها مجرد خرافات أو معتقدات تقليدية، لتصبح تجارة رائجة تدر
أرباحاً طائلة، وتستقطب زبائن من داخل البلاد وخارجها.
## السحر والشعوذة في الصومال: تجارة رائجة في ظل العملات الصعبة |
ففي مدينة "أفجوي" الزراعية،
التي تبعد حوالي 30 كيلومترًا عن العاصمة مقديشو، ينتعش سوق السحر والشعوذة بشكل
لافت، حيث يتوافد إليها العملاء من مناطق نائية تبعد أياماً عدة، ومن دول غربية
مختلفة، سعياً وراء تحقيق أهدافهم عبر طقوس غامضة ووسائل غير تقليدية.
### أفجوي مركز جاذب للسحرة والزبائن
تعتبر أفجوي بمثابة
العاصمة غير الرسمية للسحر والشعوذة في الصومال، حيث يمارس السحرة والمعالجون
التقليديون طقوسهم علنًا، وتنتشر أسواق الأعشاب والتعاويذ التي يستخدمونها في
أعمالهم. يؤكد سكان المدينة أن بعض العملاء يأتون من ولايات بعيدة، تستغرق رحلتهم
أكثر من يومين، بهدف إتمام نوع محدد من السحر أو الشعوذة، ما يعكس مدى الإيمان
الراسخ بهذه الممارسات، والرغبة الجامحة في تحقيق الأهداف المنشودة من خلالها.
- لا يقتصر زبائن أفجوي على الصوماليين
- بل يتعداهم ليشمل أشخاصًا من دول غربية
- يأتون خصيصًا لقضاء إجازاتهم وإتمام أعمال السحر التي يرغبون بها
- سواء كانت موجهة لشخص أو عائلة أو حتى تجارة.
- هذا التدفق المتزايد للزبائن، من مختلف الخلفيات والطبقات
- يساهم في تنشيط الحركة التجارية في المدينة
- ويجعلها مركزًا جاذبًا لكل من يمارس أو يؤمن
بالسحر والشعوذة.
### طقوس السحر والشعوذة مزيج من التقاليد والمعتقدات
تعتمد ممارسات السحر
والشعوذة في الصومال على مجموعة متنوعة من الطقوس والتقاليد والمعتقدات، التي
تتوارثها الأجيال جيلاً بعد جيل. تشمل هذه الممارسات تحضير التعاويذ والجرعات
السحرية، واستخدام الأعشاب وأعضاء الحيوانات، ومواد أخرى يعتقد بأن لها خصائص
سحرية. كما تتضمن الطقوس قراءة تعويذات وترديد كلمات وعبارات محددة، تهدف إلى
استدعاء قوى خارقة للطبيعة، وطلب المساعدة منها لتحقيق الأهداف المرجوة.
- تختلف الطقوس والممارسات السحرية من منطقة إلى أخرى
- ومن مجموعة عرقية إلى أخرى
- لكنها تشترك في الإيمان بالقوى الخارقة
- والقدرة على التأثير في الأحداث والأشخاص عبر هذه القوى.
- يُنظر إلى المعالجين التقليديين والسحرة
- على أنهم وسطاء بين عالم البشر وعالم الأرواح
- وقادرون على تسخير هذه القوى لخدمة زبائنهم
- سواء كان ذلك لتحقيق الرغبات أو إلحاق الأذى بالآخرين.
### أنواع السحر وأهدافه التعطيل والموت والإصلاح
تتنوع أنواع السحر التي
تمارس في الصومال، وتختلف أهدافها حسب رغبات الزبائن. يُعتبر "سحر التعطيل"
من أكثر الأنواع شيوعًا، حيث يهدف إلى تعطيل حياة الشخص المستهدف، وتأخير زواجه أو
عمله، وإحداث المشاكل في حياته. أما "سحر الموت"، فهو من أخطر أنواع السحر، حيث يهدف إلى إلحاق الأذى أو الموت بالشخص المستهدف، عن طريق استخدام قوى
خارقة للطبيعة.
- إلى جانب هذه الأنواع، هناك أيضًا أنواع أخرى من السحر
- مثل "سحر المحبة"، الذي يهدف إلى جلب الحبيب أو الزوج
- و"سحر الإصلاح"، الذي يهدف إلى حل المشاكل والخلافات
- بين الأفراد أو العائلات.
- يلجأ الناس إلى السحر لتحقيق مختلف الأهداف
- سواء كانت نبيلة أو خبيثة
- وهذا يعكس مدى تعقيد هذه الممارسات وتأثيرها في المجتمع الصومالي.
### المخاطر الأخلاقية والقانونية الخطف والقتل والابتزاز
تترافق ممارسات السحر
والشعوذة في الصومال مع مخاطر أخلاقية وقانونية جسيمة. فقد أكد أحد المعالجين
الروحانيين، الذي رفض الكشف عن اسمه، أن بعض أعمال السحر والشعوذة تقود إلى مشكلات خطيرة، مثل عمليات الخطف والقتل والابتزاز، حيث يلجأ بعض السحرة إلى اختطاف
الأفراد الذين يعتقدون بأنهم يمتلكون خصائص سحرية، أو أنهم مختلفون عن بقية البشر،
وذلك بهدف استخدامهم في طقوسهم السحرية.
- كما أن بعض المعتقدات الخاطئة المرتبطة بالسحر والشعوذة
- تؤدي إلى ممارسات غير إنسانية
- مثل الاعتقاد بأن تصبب العرق المستمر من الكف والقدم ينبت الزرع
- أو أن بعض الأمراض سببها الجن
- مما يدفع الناس إلى البحث عن العلاج لدى السحرة والمشعوذين
- بدلاً من اللجوء إلى الأطباء
المختصين، وهذا يعرض حياة الأفراد للخطر.
### الإيمان بالجن تفسير للأحداث والأمراض
يُعتبر الإيمان بالجن
والكائنات الخارقة للطبيعة جزءًا لا يتجزأ من الثقافة الصومالية، حيث يتم الإبلاغ
عن تجارب "مس الجن" بشكل متكرر، خاصة بين النساء. يُنظر إلى الجن على
أنه قادر على التأثير في شؤون الإنسان، وتسبب الأمراض الجسدية والنفسية، لا سيما
الأمراض غير المبررة وقضايا الصحة العقلية والتغيرات السلوكية.
- يلجأ الناس إلى المعالجين التقليديين والسحرة
- من أجل علاج "مس الجن"
- حيث يقومون بطقوس محددة
- تتضمن استخدام أنواع معينة من البخور والرقص والموسيقى
- والأضاحي الحيوانية.
- تختلف هذه الطقوس بين المجموعات المختلفة
- لكنها تشترك في الإيمان بقدرة الجن على
التأثير في حياة الإنسان.
الجانب الاقتصادي للسحر والشعوذة تجارة مربحة
لا يمكن تجاهل الجانب
الاقتصادي لممارسات السحر والشعوذة في الصومال، حيث أصبحت هذه الممارسات تجارة
مربحة تدر أموالاً طائلة على السحرة والمعالجين التقليديين. تتفاوت كلفة طقوس
وخدمات الشعوذة بصورة كبيرة، بناءً على الممارس وتعقيد الطقوس وحال العميل، حيث
يتراوح سعر تلك الخدمات ما بين 5 و 100 دولار، بينما يصل في إثيوبيا وجيبوتي إلى
أكثر من 300 دولار.
- هناك حالات يدفع فيها السياسيون وقيادات الميليشيات والإرهابيين
- مبالغ كبيرة للقيام بأعمال سحرية تخدم مصالحهم
- حيث تصل كلفة العمل السحري الواحد إلى أكثر من 1000 دولار
- بينما يدفع السياسيون وذوو النفوذ
- أضعاف ذلك بخمس مرات لكل عمل يقوم به الروحاني أو المشعوذ
- مما يؤكد أن السحر والشعوذة أصبحا تجارة رائجة تستقطب الأثرياء وأصحاب النفوذ.
### تحديات وآفاق مستقبلية
تواجه ممارسات السحر
والشعوذة في الصومال تحديات كبيرة، أبرزها المخاطر الأخلاقية والقانونية التي
تترافق معها، بالإضافة إلى تأثيرها السلبي على الصحة العامة، وإعاقة جهود التنمية
والتقدم. ومع ذلك، فإن هذه الممارسات لا تزال راسخة في المجتمع الصومالي، ويصعب
القضاء عليها بشكل كامل، ما يتطلب جهودًا متكاملة من قبل الحكومة والمجتمع المدني،
للتوعية بمخاطر السحر والشعوذة، وتوفير البدائل المناسبة للعلاج والوقاية.
- في ظل الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية الصعبة التي تعيشها الصومال
- قد يجد البعض في ممارسات السحر والشعوذة
- وسيلة لتحقيق أهدافهم أو التغلب على مشاكلهم
- لكن هذا لا يبرر استمرار هذه الممارسات
- التي تهدد حياة الأفراد وتقوض قيم المجتمع.
- يتطلب الأمر بذل المزيد من الجهود للتصدي لهذه الظاهرة
- وتعزيز الوعي بأهمية العلم والمعرفة والطب الحديث
- من أجل بناء مجتمع أكثر صحة وتطورًا.
في الختام
يمكن القول
إن السحر والشعوذة في الصومال لا يمثل مجرد ممارسات تقليدية، بل أصبح تجارة رائجة
تدر أرباحًا طائلة، وتستقطب زبائن من مختلف الفئات والطبقات، مما يعكس مدى تأثير
هذه الممارسات في المجتمع الصومالي، وتحديات مكافحتها، والعمل على توعية الناس بمخاطرها،
وتقديم البدائل الصحيحة لها.